تشهد مناطق غرب ليبيا خاصة العاصمة طرابلس توترا أمنيا ملحوظا بعد إعلان رئيس حكومة تسيير الأعمال المنتهية ولايته عبدالحميد الدبيبة تمسكه بالسلطة ورفضه تسليمها لحكومة فتحي باشاغا الذي سماه مجلس النواب في جلسته 10 فبراير الجاري .
ويتخوف بعض المراقبين للملف الليبي من أن رفض الدبيبة لتسليم السلطة والحشد العسكري الذي يجهزه في العاصمة قد يدفع نحو اشتباكات عنيفة والعودة إلى المربع الأول أو حدوث انقسام وأن تكون هنالك حكومتان متوازيتان في البلاد .
أما المفاجأة الكبرى بالنسبة للكثيرين فتتمثل في حصول "خارطة الطريق" التي أدت لتكليف باشاغا بتشكيل حكومة جديدة على دعم جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا وهو ما دفع الدبيبة إلى انتقاد هذا التقارب علانية ورفضه لتسليم مهامه إلا لسلطة منتخبة ، متهماً الإخوان بالتحالف مع قيادة الجيش الوطني لاختيار سلطة موازية من أجل الحكم والمال والاستيلاء على الشرعية .
ويزداد المشهد الليبي تعقيدا بعد تبيان المواقف المحلية تجاه "باشاغا" وخاصة تصعيد جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان التي تطمح للاستمرار في السيطرة على مفاصل الدولة حيث خلقت شرخا في المجلس الأعلى للدولة .
وتثير خطوة اختيار "باشاغا" العديد من التساؤلات حول شخصية وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني التي قادها فايز السراج والمعروفة بميولها للميليشيات الإخوانية وفتحها الطريق أمام التدخل العسكري التركي في الأراضي الليبية .
وفي نفس الوقت فإن الأعضاء المتحكمة في مجلس الدولة والتابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي تعرقل الذهاب لتنصيب فتحي باشاغا الذى يسعى فى نفس الوقت لكسب رضا القيادة العامة للجيش الليبى من خلال التشكيل الحكومى الجديد .
ويتكون مجلس الدولة من أعضاء البرلمان السابق الذي أسقطه الليبيون في انتخابات 2012 وتم تنصيبه من المجتمع الدولي في بداية 2016 وحولته جماعة الإخوان لكيان مواز لمجلس النواب وتحول لمعرقل للمسار السياسي وتسبب في إفشال الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر الماضي .
وحول ميول "باشاجا" لجماعة الإخوان الإرهابية يرى محللون أنه رغم ما يثار حول علاقات وزير الداخلية السابق بتركيا وما إذا كان ينتمى لأحزاب الإخوان أم لا فالجماعة في ليبيا لها أحزاب عدة تحمل نفس التوجه خاصة بعدما تفككت إلى أكثر من حزب سياسي وحصلت على تراخيص بحكم قانون الأحزاب في ليبيا .
ويسعى رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاجا للانتهاء من التشكيلة الوزارية قبل عقد الجلسة المرتقبة إلا أنه لم يكشف بعد عما آلت إليه المفاوضات التي يجريها في معظم أنحاء ليبيا ، فيما يرفض رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة عاقدا العزم على الاستمرار حتى إجراء انتخابات بحلول يونيو المقبل .
وفى النهاية فأن استمرار الصراع الجهوى فى ليبيا لن يقود إلى منتصر أو فائز سوى قطر وتركيا وهى الدول المتدخلة بالشأن الليبي ومن ورائهما جماعة الإخوان التي تتزايد أطماعها ونفوذها بالبلاد وباتت تفرض حلولا تعمق الانقسامات من أجل السيطرة على الحكومة الإنتقالية القادمة .
0 Comments: