على مدى الحروب الأهلية التى دارات رحاها فى السودان لم يثبت تورط أيّ حزب سياسي أو جماعة دينية أو فكرية فيها، مثلما تورط الإخوان المسلمون في الحرب الأخيرة .
ويتوفر الكثير من الشواهد والأدلة والوثائق التي تثبت أنّ جماعة الإخوان هي من خططت لتلك الحروب ونفذتها وما تزال تخوض غمارها عبر ميليشياتها المسلحة والجماعات الإرهابية (داعش) الموالية لها، بجانب قادة الجيش الذين يدينون لها بالولاء.
لا تكتفي جماعة الإخوان (السودانية) بإدارة العمليات العسكرية على الأرض، وإنّما هي من تضع الخطط السياسية وتدير العلاقات الخارجية والدبلوماسية في حكومة الأمر الواقع التي تتخذ من ميناء بورتسودان على البحر الأحمر (شرق) عاصمة بديلة.
ويرى مراقبون أنّ الحكومة التي تدير المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني، لا تقدّم خططاً ولا استراتيجيات جديدة، وإنّما تمضي على نهج النظام السابق وتطبق سياساته نفسها، فقد خسرت بسرعة علاقتها بدول الجوار أوّلاً، حين استعدت إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، وحافظت على مستوى معقول من العلاقات مع مصر وإريتريا في بداية الحرب، كما أنّها فشلت في استقطاب أيّ دعم خارجي .
وتتجلى بصمة الإخوان في إدارة الدولة على حكومة الأمر الواقع الحالية في استخدامها وسائل الإعلام لتخريب العلاقات الخارجية، والترويج لما تسمّيه مؤامرة دولية لتخريب البلاد تستخدم فيها قوات الدعم السريع عسكرياً وتنسيقية القوى المدنية (تقدّم) سياسياً، لرميهما بالعمالة والارتزاق والخيانة الوطنية، وغيرها من المصطلحات التي ما عاد لها تأثير كبير في ظل الانفتاح وتوفر المعلومات.
ووفقاً لمحلّلين سياسيين وعسكريين، فإنّ عجز جماعة الإخوان، التي تدير مناطق سيطرة الجيش، عن ابتكار أساليب جديدة لإدارة ملفات الحرب والعلاقات الخارجية والسياسة الداخلية، والركون إلى الأساليب القديمة التي تعود إلى عام 1989، تسبب في خسائر عسكرية ودبلوماسية كبيرة للجيش السوداني، ولم يجد ما يكفي من المساندة الشعبية الداخلية التي تمكنه من تحقيق انتصارات ذات بال في حربه ضد قوات الدعم السريع .
وقد أثّر وجود الإخوان (فلول النظام السابق) الكبير في مفاصل الحكومة وفي ميادين القتال سلباً على حصول الجيش على إجماع وطني يؤهله أخلاقياً وسياسياً لوصف الحرب بأنّها معركة (كرامة وطنية)، كما لم يجد من المبررات ما يكفي لإقناع العالم الخارجي بأنّه يواجه تمرداً مسلحاً أو انقلاباً عسكرياً .
وقوات الدعم السريع لم تكن في أيّ وقت من الأوقات قوات متمردة على الدولة، بل ظلّ قادة الجيش وجماعة الإخوان يرددون حتى قبل الحرب بأيام أنّها جزء لا يتجزأ من الجيش، وأنّها حامية الوطن، وهي التي حققت انتصارات كاسحة على الحركات المتمردة في إقليم دارفور (غرب) وكسرت شوكتها إبّان حكم البشير الذي منح قائدها رتبة عميد دون مروره بالكليّة العسكرية، وتمّت ترقيته فيما بعد إلى لواء ثم إلى فريق، قبل أن يمنحه عبد الفتاح البرهان رتبة فريق أوّل، ويختاره نائباً له في المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى مقاليد الحكم بعد خلع الرئيس السابق عمر البشير.
0 Comments: