تعيش بنجلاديش على وقع اضطرابات وأحداث عنف دامية، إثر انفجار التظاهرات الطلابية في الجامعات والمدارس العليا والمتوسطة، كردّ فعل لقرار المحكمة العليا بإعادة نظام الحصص في الوظائف العامة .
وإذا كان العنف الذي قوبلت به التظاهرات، هو أحد الأسباب المؤدية إلى التصعيد، في ظل نظام عمل يفتقد إلى عدالة توزيع الوظائف، فإنّ الخطورة تكمن في استغلال الجماعة الإسلامية البنغالية، الذراع السياسية للإخوان، خروج الأوضاع عن السيطرة وتفاقمها، في ظل هيمنة الجماعة على التعليم الديني في بنغلاديش، والذي يمثل كتلة حرجة لنواة طلابية يمكن توظيفها سياسياً، فوفقاً للإحصاءات الأخيرة، يوجد نحو (1.8) مليون طالب في المدارس الدينية في بنجلاديش.
وكشفت تقارير، أنه يوجد في بنجلاديش نظامان تعليميان رئيسيان، هما: التعليم الديني التقليدي، والتعليم العلماني. وعادة ما يتم تدريس المحتوى الإسلامي، مثل حفظ القرآن الكريم وغيره من المواد، بشكل غير رسمي من خلال دروس خاصّة في أماكن العبادة مثل المساجد (كتاتيب)، وبشكل رسمي في المدارس الدينية، التي تعاني إهمالاً شديداً.
وتعتني المدارس الدينية في بنغلاديش بتدريس اللغة العربية، وربط الطالب بالعالم الإسلامي، وتجاوز القومية نحو تكريس مبدأ الأممية الإسلامية، وفق إيديولوجيا تتمحور حول تعاليم القرآن الكريم والحديث، وتعزيز قيم ومبادئ الإسلام السياسي، وفق نهج إخواني لا تُخطئه العين.
يقول محللون في شئون جماعات الإرهاب: إن نموذج المدارس الدينية يقوم بشكل صارم على المحتوى الديني، على حساب المواد العصرية، وإهمال تدريس العلوم واللغة الإنجليزية، التي تُدرَّس بشكل أكثر كثافة في المدارس العلمانية؛ ممّا أدى إلى أن أصبح خريجو المدارس الدينية يتلقون تعليماً دون المستوى المطلوب، ولا يتماشى مع الاحتياجات الحديثة، أو معايير المناهج الوطنية.
وأضافت التحليلات أنه تفتقد المدارس الدينية إلى معايير الجودة في تدريب المعلمين، وبشكل عام يتم تنميط عقول الطلاب، وفق بنية قياسية تعتمد على النقل والحفظ والتلقين، وهو ما فتح الأبواب أمام تمدد نفوذ الإخوان، وهيمنتهم على تعليم ديني رديء من حيث الجودة، وفقير من حيث المحتوى، فهو لا يقارن بالتعليم الديني في الأزهر الشريف مثلاً أو القرويين أو الزيتونة.
وأوضحت أنه تمثل المرحلة الجامعية عتبة حرجة فيما يتعلق بالبحث عن خلاص اجتماعي، الأمر الذي يجعل الطلاب المنتمين للجماعة الإسلامية، يمثلون كتلة معزولة ومتمايزة يمكن التعرف إلى أفرادها بالعين المجردة، فهم ينحدرون من مستويات اجتماعية متشابهة، تعاني على الأغلب من فقر مدقع .
أضف إلى ذلك تشابههم على صعيد البنية الذهنية والمعرفية؛ ذلك أنّ طلاب المدارس الديني، يتلقون تعليماً واحداً، لا يعرفون غيره، فنحو 92% من المدارس الدينية في بنجلاديش لا يوجد بها مكتبات، وبالتالي فإنّ التشابه المعرفي يبلغ حدّ التطابق، ممّا يسهل مهمة الجماعة الإسلامية في تطويع القطيع البائس نحو مراميها السياسية.
0 Comments: