زيادة الطلبيات الجديدة وتحسن الأوضاع المحلية قاد أداء الشركات الخاصة بالسعودية ومصر لأفضل مستوى منذ عدة سنوات
كشف مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخاص في البلدين في يناير الماضي عن زخم قوي، إذ تحسن أداء القطاع في السعودية مسجلاً أعلى مستوى منذ 2014 بفضل زيادة الطلبيات الجديدة وتوسع سريع في النشاط التجاري، فيما ارتفع في مصر لأعلى مستوى في 50 شهراً بفضل تحسن أوضاع السوق المحلية وتراجع ضغوط التكلفة، مما أدى إلى انتعاش المبيعات للمرة الثانية فقط في أكثر من ثلاث سنوات.
استفادة من مشاريع البنية التحتية
في المملكة، دعمت الأوضاع الاقتصادية التي تتسم بالتيسير دفعة قوية في طلبات العملاء، بينما استفادت بعض الشركات من المشاريع الجديدة للبنية التحتية، كما لعب التصدير دوراً في الزيادة القوية لإجمالي الطلبيات الجديدة. وأظهرت البيانات أن الطلب الخارجي سجل أقوى وتيرة للنمو في 18 شهراً.
تُخطط المملكة لتنفيذ مشاريع بقيمة 703 مليارات دولار -باستبعاد مشاريع الطاقة- على مدى السنوات الخمس المقبلة، بحسب بيانات "ميد" (MEED) استناداً إلى العقود التي جرت ترسيتها حتى أكتوبر الماضي.
وتحتل الصدارة المشروعات العقارية متعددة الاستخدامات بقيمة 170.2 مليار دولار، تليها مشروعات المرافق عند حوالي 140 ملياراً، ثم البنية التحتية بإنفاق مزمع قدره 130 مليار دولار.
أفادت الشركات بتسجيل زيادة في مستويات النشاط في يناير بوتيرة هي الأقوى أيضاً منذ 18 شهراً، ليعكس هذا الارتفاع التوسعات القوية في جميع القطاعات التي رصدتها الدراسة، كما عينت الشركات موظفين جدداً للشهر التاسع على التوالي مما ساعد في خفض الأعمال المعلقة.
نما اقتصاد المملكة خلال 2024 بنسبة 1.3%، بدعم من نمو الأنشطة غير النفطية التي ارتفعت بمعدل 4.3%، بينما واصل الاقتصاد النفطي انكماشه، وفق تقديرات أولية أعلنتها الهيئة العامة للإحصاء الأسبوع الماضي.
آفاق متفائلة
نايف الغيث، الخبير الاقتصادي الأول لدى بنك الرياض، قال، في تقرير المؤشر الصادر عن بنك الرياض، إن الأداء القوي للمؤشر يؤكد على مرونة القطاع الخاص غير المنتج للنفط بدعم من زيادة الطلبات الجديدة والارتفاع الكبير في ناتج الأعمال، حيث أفادت نحو 30% من الشركة بارتفاع النشاط، مما يسلط الضوء على الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة لتنويع الاقتصاد.
"تظل آفاق الاقتصاد غير المنتج للنفط متفائلة للغاية، حيث تتوقع الشركات نمواً مستداماً في الطلب وظروفاً سوقية داعمة طوال عام 2025.
وتؤكد اتجاهات التوظيف هذا الشعور الإيجابي، حيث واصلت الشركات زيادة أعداد قوتها العاملة لتلبية الطلب المتزايد.
وأدى تحسين سلسلة التوريد إلى جانب ارتفاع نشاط الشراء إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية وإعداد الشركات للنمو المستدام"، بحسب الغيث.
تحسن واقع الأنشطة النفطية يتماشى مع توجه المملكة لتنويع اقتصادها وتقليص الاعتماد على النفط كمصدر شبه وحيد للإيرادات العامة، وتوقع وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم، في حديثه أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في الشهر الماضي، أن يسجل الاقتصاد غير النفطي نمواً في 2025 يبلغ 4.8% بينما رفع توقعاته لنمو الاقتصاد غير النفطي إلى 6.2%.
خروج من الركود بمصر
زيادة حجم الإنتاج والمبيعات كانت المحرك الرئيسي وراء تحسن نشاط الشركات الخاصة في مصر خلال الشهر الماضي، بعد ركود مطوّل خلال السنوات القليلة الماضية.
ساهم تراجع ضغوط التكلفة أيضاً مع انخفاض أسعار بعض المواد في دعم تلك الزيادات، وساعد ذلك في تخفيف تضخم أسعار المنتجات الذي سجل أدنى مستوى في أربع سنوات ونصف السنة.
أشارت الكثير من الشركات إلى أن التحسن في الظروف الاقتصادية وانخفاض ضغوط التضخم منحت للعملاء ثقة أكبر في تقديم طلبات جديدة وذلك في قطاعات التصنيع والإنشاءات والجملة والتجزئة، في حين سجل قطاع الخدمات تراجعاً وحيداً في المبيعات.
كما ارتفعت مشتريات مستلزمات الإنتاج مما ساهم في زيادة طفيفة في مخزوناتها، بينما استقرت سلاسل التوريد، إذ لم تشهد فترات التسليم تغييرا يذكر منذ ديسمبر.
على صعيد الأسعار، ارتفعت أسعار مستلزمات الإنتاج، لكن معدل التضخم في أسعار تلك المستلزمات تباطأ مقارنة مع ديسمبر وسجل أضعف مستوياته في ثمانية أشهر بفضل تباطؤ صعود أسعار المشتريات.
وعلى الرغم من أن بعض الشركات أشارت إلى زيادة ضغوط التكلفة بسبب قوة الدولار الأميركي أشارت أخرى إلى انخفاض في أسعار المواد.
نتيجة لذلك، لم ترفع الشركات أسعار إنتاجها سوى بمعدل طفيف في يناير، كان الأضعف منذ أربع سنوات ونصف السنة.
عدم اليقين يهيمن على التوقعات
لكن على الرغم من تحسن الأوضاع، ظلت توقعات الشركات بشأن نشاطها المستقبلي في مصر سلبية، إذ تراجعت تلك التوقعات مقارنة مع ديسمبر وبلغت مستوى منخفضاً تاريخياً.
"كان النمو في بداية عام 2025 بمثابة خبر سار للقطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر، والذي عانى في الآونة الأخيرة بسبب التضخم الجامح والآثار الأوسع لحالة عدم الاستقرار الإقليمي.
وساهم خفض بعض أسعار مستلزمات الإنتاج في تخفيف ضغوط التكلفة وانتعاش المبيعات للمرة الثانية فقط في أكثر من ثلاث سنوات"، بحسب ما ذكره ديفيد أوين، خبير اقتصادي أول في "إس آند بي غلوبال ماركت إنتلجنس"، في التقرير.
"يُرجح أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس ساهم في تعزيز الثقة في الأسواق خلال يناير. ومع ذلك، تظل توقعات الشركات للأشهر الاثني عشر المقبلة ضعيفة، مما يشير إلى أن الشركات لا تزال غير متأكدة من الاستقرار الاقتصادي على المدى الأطول" وفق أوين.
تبدي مصر "تفاؤلاً حذراً" بأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس سيؤدي في النهاية إلى انتعاش إيرادات قناة السويس، التي انخفضت 60% على الأقل بسبب الحرب، وفق ما قاله وزير التجارة الخارجية والاستثمار المصري في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ الشهر الماضي.
0 Comments: