السودان يتقلب على جمر الفوضى وخطر الحرب الأهلية والفوضى عنوان عريض لما يجري هناك وكثير من الدول والمراقبين والمحللين لا يمتلكون رؤية واضحة لما جرى ويجري وهذا الغموض يشير لاحتمالية حدوث شيء ما في الخفاء ولا أحد يريد الحديث عنه أو لا يمتلك معلومات دقيقة تجاهه .
من التعامي عن الحقائق والانسياق خلف الأوهام أن يصمت الكثيرون عن الإرث الأصولي الثقيل في السودان، فالسودان بلدٌ له قصة طويلة مع الأصولية والإسلام السياسي ، فمنذ منتصف الثلاثينات الميلادية تقريباً فكر مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا في إنشاء فروع خارجية للجماعة خارج مصر وفي الأربعينات تم إنشاء قسم الاتصال بالعالم الخارجي، أو مكتب الاتصال بالعالم الإسلامي الذي تطور لاحقاً لما بات يعرف بـ«التنظيم الدولي».
في الخمسينات تطور هذا الحضور «الإخواني»، وأصبح حضوراً منظماً تحت مسميات مختلفة ورموز متعددة، وصولاً إلى لحظة الانقلاب الإخواني العسكري الذي قاده عمر البشير وحسن الترابي، فحكمت الحركة الأصولية السودان وتغلغلت في كل مناحي الحياة فيه، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وبنيت أجيالاً سودانية على أفكار أصولية إخوانية، حيث سيطروا على التربية والتعليم، وخرجوا في كل المجالات أجيالاً متعاقبة على مدى 3 عقود كاملة.
في 2018، أسقط الحكم الأصولي في السودان بانقلاب عسكري قاده البرهان من الجيش وحميدتي من الدعم السريع، وأودع عمر البشير السجن ومعه بعض القيادات، وقيل إن «الحركة الأصولية» و«الإسلام السياسي» قد انتهى في السودان، وبدأت البلاد مرحلة جديدة.
ما يجري في السودان اليوم دليل على أن بعض الأفكار الخطرة قد تكون ملغومة وقد تكون قاتلة وملغومةً فهي ملغومة لأنها تنتظر اللحظة المناسبة لتنفجر وقاتلة لأنها قادرةٌ على خلق الفوضى وإحياء العنف وضرب الجهات المسلحة ببعضها البعض وبحكم آيديولوجيتهم وتاريخهم فإن عناصر الإسلام السياسي لا يقيمون وزناً لحياة البشر ولا لحرمة الدماء بل يعتقدون أن صناعة الفوضى والثورات الدموية والانقلابات المسلحة جزء من الجهاد في سبيل الله.
خلْق الفوضى داخل السودان وبين القوات العسكرية فيه يفتح المجال للتدخلات الخارجية إقليمياً ودوليا والدول تبعٌ لمصالحها حيث لا عواطف ولا مشاعر آنيةٍ وإنما مصالح دائمة ومن الطبيعي أن تعمل كل دولةٍ وفق رؤيتها ومصالحها وعلاقاتها المستقبلية مع بلدٍ بحجم السودان ومنطقة بحجم شرق أفريقيا.
0 Comments: