وضعت لندن جماعة الإخوان على رأس قائمة التطرف، وفق مقاييس التعريف الحكومي الجديد للتطرّف، وينصّ التعريف الجديد على أنّ التطرف: "هو ترويج أو تعزيز إيديولوجية تقوم على العنف أو الكراهية أو التعصّب، تهدف إلى تدمير الحقوق والحريات الأساسية، أو تقويض أو استبدال الديمقراطية البرلمانية الليبرالية في بريطانيا، أو خلق بيئة للآخرين عن عمد لتحقيق تلك النتائج".
وكانت لندن الحاضنة الأهم والملاذ الأكثر أمناً للإخوان، منذ مرحلة الشتات الأولى في ستينات القرن الماضي، وصولاً إلى عام 2013، حيث سقط التنظيم في مصر وفي عدد من الدول العربية، ومن ثم هروب قياداته وعناصره إلى الخارج، وبشكل أكبر إلى لندن وأنقرة، حيث حظيت الجماعة بشتى أنواع الدعم، وإن أجبرت تركيا مؤخرًا على تقليل الدعم الرسمي بعد التقارب مع مصر، إلّا أنّ بريطانيا ما تزال تقدم دعمًا سخيًا للتنظيم الإرهابي، وتُعدّ المعقل الرئيسي والأهم للجماعة، حسبما كشف تقرير نشرته شبكة رؤية الإخبارية.
وتستضيف لندن في الوقت الراهن العديد من المنصات الإعلامية التابعة للتنظيم، لا سيّما التي انتقلت من تركيا بعد (مارس) 2022، تزامنًا مع خطوات التقارب المصري التركي مثل قناة (الشرق) و(مكملين)، لكنّ المنصة الإخوانية الأهم داخل بريطانيا هي قناة (الحوار) التي تأسست في العام 2006 على يد الإخواني الشهير عزام التميمي، المعروف بعراب التمويل للإعلام الإخواني.
وتعرّف قناة الحوار الفضائية، أو قناة (التنظيم الدولي) كما يسميها الخبراء، تعرّف نفسها عبر موقعها الرسمي على أنّها: "عربية تبث من العاصمة البريطانية لندن، تبث باقة من البرامج الحوارية والتحليلية، وتناقش المواضيع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تهم المواطن العربي، وكذلك القضايا التي تخص حياة المهاجر والمواطن المسلم في الغرب، وتهدف لإذكاء قيمة الحوار في كل المواضيع". لكنّ الأجندة التي تعمل عليها القناة تبدو واضحة إلى حد كبير لكل متابعيها.
ويترأس القناة عزام التميمي، وهو فلسطيني الجنسية، هاجر مع عائلته إلى الكويت، ومنها إلى لندن، حيث حصل على الجنسية البريطانية، وتدرج داخل التنظيم الدولي للإخوان عبر إحدى نوافذه، وهي "الرابطة الإسلامية فى بريطانيا"، وهذه الرابطة كانت إحدى الجهات التي أدرجتها السلطات البريطانية في التحقيق الذي أجرته بشأن جماعة الإخوان قبل أعوام، وتركز خارطة القناة بشكل مباشر على مهاجمة الدول العربية، خاصة التي تضع الإخوان على قوائم الإرهاب، وتمعن في خلق شائعات وموضوعات مثيرة حول ما يحدث داخل الدول العربية؛ بغرض إثارة الشعوب وتأليب الرأي العام، ونادرًا ما تعرض برامج تهتم بالجاليات المسلمة داخل بريطانيا وخارجها.
يقول الدكتور كايد عمر المحلل السياسي في بريطانيا: إنّ قناة (الحوار) هي المنصة الرسمية للتنظيم الدولي للإخوان، وتعمل بشكل مباشر على تنفيذ أجندة التنظيم بالتركيز على قضايا محددة ومناطق جغرافية تستهدف المنطقة العربية بشكل مباشر، وتحاول فرض أجندة الإخوان على الشارع العربي، وكانت تهدف إلى التسلل بين الجاليات العربية بشكل كبير كونها تقدم نفسها على أنّها المنصة التي تهتم بقضايا المسلمين والإسلام داخل أوروبا.
وأضاف أن هذه المحطة منصة باهتة لا تقدم أيّ محتوى جاذب للمتابعين، رغم حجم الإنفاق الكبير عليها، وتبدو القناة منصة لاستعراض أنشطة جماعة الإخوان إلى حد كبير خاصة الأنشطة التاريخية منها، وفي الوقت الراهن تلتزم القناة بما تحدده هيئة البث البريطانية في كافة القضايا التي تعرضها، خاصة فيما يتعلق بتغطية الأحداث داخل قطاع غزة، والتي لم تخرج عن سياسة الحكومة.
ولفت أنّ القناة الإخوانية لم تحقق حتى اللحظة أيّ أهداف كانت قد وضعتها قبل أعوام، فهي لا تحظى بانتشار كبير على المستوى الشعبي ولا حتى داخل التنظيم، وتتابعها مجموعات ضيقة للغاية، كما أنّها تلتزم إلى حدٍّ كبير بما تفرضه عليها الحكومة البريطانية؛ الأمر الذي يجعلها لا تتناول قضايا المجتمع الإسلامي بشكل يتفق مع شعارات الإخوان، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك طريقة تناولها لأحداث قطاع غزة وغيرها من القضايا ذات الحساسية مع الحكومة البريطانية.
0 Comments: