مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني
السعودية تطلق مؤشراً عالمياً لحماية 150 مليون طفل سيبرانياً
أطلقت مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني "مؤشر حماية الطفل في الفضاء السيبراني"، ضمن مبادرة عالمية أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بهدف توحيد الجهود الدولية وتعزيز الوعي العالمي بمخاطر الفضاء الرقمي على الأطفال.
أداة عالمية لحماية الأجيال الرقمية
يُعد المؤشر الجديد أول أداة عالمية تقيس مستوى أمان الأطفال في البيئة الرقمية، وتساعد الدول والمؤسسات على تطوير سياسات وبرامج وقائية لحماية الصغار من التنمر الإلكتروني، والابتزاز، والمحتوى الضار، والاحتيال، وغيرها من التهديدات المتنامية مع توسع استخدام التقنية.
تؤكد المستشارة في الطفولة والأكاديمية نادية فهد السيف، أن الفضاء السيبراني أصبح جزءاً أساسياً من حياة الطفل السعودي، مما يستدعي وعياً أكبر بمخاطره. وتشير تقارير المعهد الدولي للسلامة الرقمية للأطفال (2023) إلى أن نحو 70 في المئة من الأطفال حول العالم يتعرضون لأحد أشكال المخاطر الإلكترونية، فيما تجاوزت نسبة وصول الأطفال في السعودية إلى الإنترنت 90 في المئة وفق تقارير اليونيسف وهيئة الإحصاء (2024).
وأضافت السيف: "يعاني بعض الأطفال من ضعف المهارات الاجتماعية أو ما يُعرف بالإدمان الرقمي، مما يجعل رفع الوعي الأسري ضرورة وطنية".
الوعي الأسري خط الدفاع الأول
ترى السيف أن الجهود التي تبذلها الهيئة الوطنية للأمن السيبراني ووزارة التعليم ساهمت في رفع مستوى الوعي الرقمي، إلا أن الفجوة بين جيل التقنية وجيل الآباء لا تزال قائمة. وتوضح أن "مؤشر حماية الطفل السيبراني" يمثل أداة وطنية لقياس مستوى الوعي وتحديد أولويات التثقيف والحماية، مشيرة إلى أنه يوجه السياسات ويصمم البرامج التدريبية التي تستهدف الأطفال والمعلمين وأولياء الأمور.
شددت على أهمية إشراك السعودية في برامج تدريبية دولية تعزز مهارات السلامة الرقمية، وتمكّن الأطفال من استخدام الإنترنت بوعي ومسؤولية، مؤكدة أن الاستثمار في التوعية والتعليم هو الضمان لبناء جيل رقمي آمن ومتوازن.
مبادرة سعودية ذات بُعد إنساني عالمي
وصف المختص في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني عصام القبيسي المبادرة السعودية بأنها "إنسانية وعالمية بامتياز". وقال: "أكثر من 70 في المئة من الأطفال حول العالم يتعرضون سنويًا لمخاطر رقمية، و3 من كل 4 أطفال واجهوا محتوى ضارًا على الإنترنت. جاءت المبادرة السعودية لتقود جهدًا دوليًا جماعيًا هو الأول من نوعه".
وأوضح أن المؤشر يغطي خمسة محاور رئيسية تشمل، المدارس في نشر ثقافة الأمان الرقمي في المراحل المبكرة، والأهالي في تمكين أولياء الأمور من أدوات الحماية والرقابة، والبنى التحتية في تطوير أنظمة تقنية آمنة للأطفال، والقطاع الخاص في تعزيز مسؤولية المنصات في تقليل المخاطر، والسياسات الوطنية عبر تحديث التشريعات والأطر القانونية للحماية.
وأضاف أن المبادرة تستهدف حماية 150 مليون طفل عالميًا، وتدريب 5 ملايين ولي أمر ومربٍ، وتطوير مهارات السلامة السيبرانية لأكثر من 16 مليون مستفيد في أكثر من 50 دولة، إلى جانب دعم خطوط المساعدة لحماية الأطفال في 30 دولة.
تحديات رقمية متصاعدة
من جانبه، أكد المستشار التقني عهد آل دماس، أن الأطفال يواجهون تحديات رقمية متنامية تشمل التنمر الإلكتروني والابتزاز والمحتوى غير المناسب. وبيّن أن دراسات سعودية تشير إلى أن ما بين 18% إلى 45% من الطلاب والمراهقين تعرضوا لشكل من أشكال التنمر الإلكتروني.
وقال آل دماس: إن "مؤشر حماية الطفل" يمثل أداة قياس عملية لصنّاع القرار لتحديد الفجوات في التشريعات والوعي، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا مزدوجًا في الحماية من جهة، لكنه قد يُستغل لإنتاج محتوى مضلل، مما يتطلب رقابة وتشريعات مستمرة.
وشدد على أن الأسرة السعودية هي خط الدفاع الأول عبر تعزيز الوعي واستخدام أدوات الرقابة الأبوية والتبليغ عن أية إساءة عبر القنوات الرسمية مثل تطبيق "كلنا أمن" وخط نجدة الطفل (116111).
شراكة فاعلة مع القطاع الخاص
بدوره، أوضح مستشار الأمن السيبراني في شركة Cisco العالمية عبدالرحمن الداعج لـ"العربية.نت" أن إطلاق المؤشر بقيادة ولي العهد يمثل نقلة استراتيجية في توحيد الجهود العالمية لحماية الطفل رقميًا، مؤكدًا أن السعودية أصبحت نموذجًا عالميًا في بناء منظومات الأمن السيبراني الحديثة.
وأضاف أن القطاع الخاص شريك رئيسي في نجاح المبادرة من خلال تصميم منصات تراعي الأمان منذ البداية، وتبادل البيانات المجهولة لدعم المؤشر، والاستثمار في حملات التوعية المجتمعية.
وختم الداعج تصريحه قائلاً: "السعودية اليوم لا تكتفي بالإنجاز المحلي، بل تصوغ مستقبلًا عالميًا أكثر أمانًا للأطفال. ومع استمرار دعم القيادة، ستظل المملكة محورًا رئيسيًا في قيادة الجهود الدولية لحماية الأجيال القادمة في الفضاء السيبراني".
0 Comments: