الاثنين، 14 ديسمبر 2020

أموال قطر السياسية المسمومة


التحقيق الذي بدأ في الكونجرس الأمريكي الأيام القليلة المنصرمة والخاص بعلاقة قطر بصهر الرئيس ترامب ومستشاره السياسي جاريد كوشنر هو السبب في فتح ملفات قطر سيئة السمعة .

القصة تدور حول مشاركات مالية قطرية مشبوهة مع صهر الرئيس لتوفير قرابة 1.2 مليار دولار كان كوشنر يحتاج إليها بشكل عاجل ضمن صفقاته العقارية في جزيرة مانهاتن بنيويورك .

فات القطريين وهم يحاولون اختراق البيت الأبيض أن هناك قوانين متعلقة بالأوضاع المالية للعاملين في أي إدارة أمريكية وتعرف بتضارب المصالح الفيدرالية وترقى إلى مستوى الجرائم التي تستوجب السجن والفضيحة الأخلاقية ولا يقتصر الأمر فقط على ساكني البيت الأبيض، بل يمتد كذلك إلى أقاربهم وعائلاتهم .

الفضيحة القطرية الأخيرة تبين بما لا يدع مجالا للشك أن الديمقراطية الأمريكية حتى وإن كانت تباع على الأرصفة في بعض الأحيان وبخاصة في أزمنة الإنتخابات المختلفة بدءا من اختيار أصغر عمدة لمدينة أمريكية نائية ووصولا إلى سباق الانتخابات الرئاسية إلا أن لها أنيابا تتمثل في يقظة ووعي أصحاب القرار السياسي من نواب وشيوخ الشعب تحت قبتي الكونجرس .

عدة أسئلة تطرح ذاتها على مائدة الحديث بقوة في واشنطن، وفي المقدمة منها، وربما أهمها: “هل تجئ كارثة صفقة قطر – كوشنر، لتفتح كافة أضابير قطر لاختراق الداخل الأمريكي عبر جناحين يمثلان أهم ركائز الدولة الأمريكية، الإعلام والتعليم؟

الحديث عن المحاولات القطرية المستمرة والمستقرة لإيجاد موطئ قدم للسياسات القطرية في المؤسسات التعليمية الأمريكية بات أمرا معروفا للقاصي والداني ، فيما الإعلام الأمريكي حال الكثير جدا من مؤسساته يغني عن سؤاله مما جعل كبار العقول الأمريكية تتساءل: إلى متى تستمر قطر في لعب هذا الدور المخرب في الداخل الأمريكي ؟ .

الجواب ولاشك يرتبط بمحاولة قطر غسل سمعتها وتبرئة قيادتها من الاتهامات الموجهة إليها، والتي تثبت الأحداث صحتها يوما تلو الآخر، وفي مقدمتها تمويل الإرهاب المعولم ودعم الجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون ، فيما الطامة الكبرى موصولة بتبني مشروعات الإسلام السياسي وجعلها خناجر في خواصر الدول العربية  .

على أن الاختراق الأمريكي الأخير لصهر ترامب يشير إلى الطموحات القطرية الممجوجة في الوصول إلى البيت الأبيض ، ولهذا ستكون التحقيقات التي بدأها النواب الديموقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي كارثية التبعات والإستحقاقات بالنسبة للدوحة وبخاصة بعد محاولات جدية لتمويل حملات أعضاء في الكونجرس خلال الانتخابات البرلمانية 2018 و2020 وهي قصة تناولتها أقلام الإعلام الأمريكي من قبل.

علامة استفهام أكثر عمقا في إطار الفضيحة القطرية الأخيرة : هل جاءت المساهمة القطرية المليارية في مشروعات صهر ترامب العقارية كأداة من أدوات التأثير على صناعة القرار الأمريكي ، ثم وهذا لا يقل أهمية : هل أمريكا بريئة من التلاعبات القطرية أم أنها تفتح لها دروبا واسعة معبدة للغزل على المتناقضات ؟ .

الجزء الأول من التساؤل يقودنا إلى الألاعيب القطرية التي تسخر فيها أموالها المسمومة لخدمة أغراضها السياسية غير الناجعة أمس واليوم وغدا ، ذلك أن تفاصيل القصة تشير إلى أن قطر رفضت دعم كوشنر في 2012 ، وتاليا حين تفهمت إدارة ترامب أسباب المقاطعة العربية الرباعية لقطر سارعت الأخيرة إلى تقديم الرشوة المقنعة في صورة عقد إيجار ضمن برج كوشنر ولمدة مائة عام وتم دفع المساهمة المالية مقدما والهدف ولاشك هو محاولة تسخير الصهر لعلاقاته مع العواصم العربية لإنهاء الحصار أو تخفيفه وإيجاد مسارب خلفية للدبلوماسية القطرية للفرار من تبعات الحصار الذي تتحمل الدوحة أسبابه .

القسم الثاني من علامة الاستفهام يقودنا إلى القطع بأن إدارة ترامب غير ملائكية وغير بريئة بالمطلق وهو أمر ستميط عنه التحقيقات اللثام ولمعرفة إلى أي حد ومد تم استخدام ذهب المعز القطري في بلورة توجهات مساندة للدوحة والقائمين عليها .

0 Comments: