الأربعاء، 14 فبراير 2024

بنية تنظيم الإخوان تتجه نحو التفكك

معارك دائرة بين أجنحة تنظيم الإخوان

إنّ ما يشهده الإخوان المسلمون من معارك دائرة بين أجنحة التنظيم المتصارعة على قيادة الجماعة غير مسبوق في تاريخها، ويحمل في طياته أكثر من مجرد أزمة يمكن حلّها بلجنة مصالحة؛ فالخلاف في ظاهره على المنصب وفي باطنه على الدور الوظيفي القادم، ومن المحتمل أن تنتهي المعركة بتغيير بنية الجماعة التنظيمية وهويتها الفكرية.

ففي حال انتصار جبهة (لندن) بقيادة إبراهيم منير والمدعوم من التنظيم الدولي، سيتم تخفيف القيود التنظيمية والعمل على صناعة تيار مؤيد للإخوان دون الارتباط بعلاقات هيكلية في التنظيم، وفي حالة تمكنت جبهة اسطنبول من إحكام السيطرة على الجماعة سيتم إغلاق التنظيم على ما فيه وإعادة ترتيب الأوراق من الداخل، وتنفيذ سياسة الكمون والانتظار حتى الانتصار، وسيصاحب هذه السياسة قرارات فصل للعديد من العناصر غير الملتزمة بهذه السياسة، وسيتم التركيز على تربية ما تبقى من الجماعة التقليدية، وسياسة الكمون مجربة ونجحت مرات عدة سواء في الستينيات ومطلع السبعينيات أو في أوائل الثمانينيات.

إنّ النظر الدقيق في بنية الجماعة الفكرية والتنظيمية يجعل من الصعب التكهن بخطوة الإخوان التالية بشكل قاطع، فكلا الرؤيتين لديها مقومات النجاح والفشل بنفس الدرجة، وإن كانت مجموعة لندن تسبق بخطوة واحدة على الأقل، وليس من الصعب إدراك علاقة قادة الجبهتين بأجهزة مخابرات دولية، قد تتحكم في قرارات الجماعة وخياراتها السياسية والتنظيمة، وفق مصالح تلك الدول وليس وفق إرادة قادة الجماعة، فضلاً عن ارتباط الظاهرة الاخوانية بعوامل اجتماعية وسياسية دولية متغيرة بشكل متسارع، مع ضعف تأثير العوامل المحلية في صناعة مستقبل الجماعة.

كان ظهور فكرة تحول الجماعة لتيار فكري في أيار (مايو) 2021 عندما تم تسريب ما يسمى بوثيقة لندن، والتي تتضمن تخفيف قيود التنظيم من تراتيب هيكلية وعدم التركيز على تجنيد عناصر جديدة مع تغيير الخطاب العام، مع بقاء التنظيم بشكل مخفف والاعتماد على ذاتية الحركة الفردية للأفراد ليؤمن أكبر عدد ممكن من الناس ليصبح المجتمع هو وعاء الفكر الإخواني وليس التنظيم.

كان الدافع للتفكير في هذا التحول رفض الشارع العربي والإسلامي لمشروع الإخوان، والهزيمة في أكثر من بلد، والتصدع التنظيمي سواء بالانشقاق أو بالانصراف أو بالحبس بأحكام القضاء، أو بالمغادرة والفرار إلى بلاد أخرى بعد الضربات الأمنية الشديدة، كل هذا أضعف قدرة التنظيم على القيام بأدواره التقليدية مثل؛ التجنيد والتوظيف داخل التنظيم وتفعيل المسارات التربوية، مع الوضع في الاعتبار أنّ هذا التصدع مرشح للزيادة مما يعد تهديداً صريحاً يمنع استمرار الجماعة.

0 Comments: