منذ تأسيس جماعة الإخوان الإرهابية في 1928 على يد مؤسسها حسن البنا وتستغل الجماعة جميع الأحداث السياسية والتوترات والحروب، وهو ما حدث منذ حرب فلسطين الأولى عام 1948، وكأن التاريخ يعيد نفسه في الوقت الحالي بمتاجرة الجماعة لما يحدث بالمنطقة كنوع من أنواع الانتهاز للفرصة من أجل عودتهم للمشهد.
وفي الأردن تحاول الجماعة الإرهابية استغلال ما يحدث مؤخرًا من تظاهرات شعبية دعمًا لفلسطين وقطاع غزة بالتحديد وأيضاً الضربات التي تلقتها إسرائيل علي يد ايران كنوع من أنواع استغلال الخطاب السياسي وتلوينه بشكل دينياً من أجل البحث عن مصالح متعددة تكتسبها الجماعة في الوقت الحالي.
منذ السابع من أكتوبر ومع بدء عملية طوفان الأقصي ومن ثم الهجمات والقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، بدأ مشهد التظاهرات في الأردن، وتتصدر جماعة الإخوان الإرهابية المشهد الخاص بالاحتجاجات بزعم نصرة غزة ومناهضة الحرب الإسرائيلية عليها، وشهدت التظاهرات نوعاً من العنف، خاصة ما حدث من اشتباك بين قوات الأمن والمتظاهرين قرب السفارة الإسرائيلية بعمان.
وأهداف وتداعيات مشاركة إخوان الأردن بالتظاهرات، باتت واضحة في ظل خسارة الجماعة للعديد من مراكز القوى في الدول بعدما تم كشف نواياها في 2013.
ومؤخرًا أبدت الجماعة في الأردن استجابة لدعوات حركة حماس بتصعيد الحراك الاحتجاجي التي أطلقها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج خالد مشعل في كلمة مسجلة له بثت في فاعلية نسائية بالعاصمة عمان أواخر مارس 2023 .
وقد شكل التصعيد الأخير خروجًا عن التفاهمات الضمنية غير المعلنة بين جماعة الإخوان الأردنية وحركة حماس الفلسطينية من جهة، والحكومة الأردنية من جهة أخرى، وهو ما أزعج الحكومة التي لا تريد أن يتم توظيف حراك الدعم للقضية الفلسطينية في تحقيق مكاسب سياسية على حساب المصالح الوطنية أو فرض أجندة سياسية محددة على المملكة.
تدافع تيارات إخوان الأردن لا ينفصل بأي حال من الأحوال عن الموقف من القضية الفلسطينية والعلاقة مع حركة حماس، وهي القضايا الخلافية البارزة التي شغلت حيزًا معتبرًا من الجدال والصراع التنظيمي قبل أعوام، وتحديدًا قبل انفصال تنظيم حركة حماس الفلسطينية عن تنظيم جماعة الإخوان الأردنية عام 2010، بناء على قرار أصدره المرشد العام لجماعة الإخوان في العالم محمد بديع، وأقره مجلس شورى الجماعة في الأردن.
ولكن مع عودة الحراك الفلسطيني تصدرت الجماعة الإرهابية المشهد من جديد كزعماء من أجل البحث عن هوية العودة والحشد من أجل مصلحة الجماعة نفسها فقط.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية سامح عيد: إن هناك حراك في نفوذ حركة حماس داخل إخوان الأردن عقب عودة مجموعة من كبار قادة حماس، في مقدمتهم خالد مشعل، من الكويت إلى الأردن بالتزامن مع حرب الخليج الثانية عام وفي فترة وجود المكتب السياسي لحماس في الأردن تم تجنيد كوادر جماعة الإخوان الأردنية لصالحها، مستغلةً تفاهماً واتفاقاً غير مكتوب مع السلطات الأردنية، على العمل السياسي والإعلامي داخل المملكة.
وأضاف عيد إن كل ذلك أثر بشكل مباشر على الجماعة وحماس، وهو ما حدث بصراعات تنظيمية بين التيارين حول ترتيب أولويات العمل السياسي، فتيار الحمائم والوسط "الإصلاحيون" رأى ضرورة التركيز على القضايا الوطنية الأردنية والتهدئة مع الحكومة وعدم الانجرار في صراعات معها، فيما رأى تيار الصقور وحليفه تيار الظل التركيز على القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للجماعة والتصعيد مع الحكومة الأردنية.
وأكد القيادي الإخوانى السابق طارق البشبيشي، أن التظاهرات التي شهدها الأردن في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" جعل من الجماعة البحث عن تحصيل المزيد من المكاسب التنظيمية، وزيادة سيطرة الجماعة وذراعها السياسية، ولذا راج مؤخرًا الحديث عن إجراء انتخابات داخلية لاختيار أعضاء مؤسسات الجماعة القيادية وذلك من أجل زيادة وقوة النفوذ بما في ذلك المكتب التنفيذي ومجلس الشورى والمراقب العام للجماعة في الأردن.
وأضاف البشبيشي أن الإخوان يلعبون لعبة القط والفأر السياسية مع الحكومة الأردنية بدافع وجود أزمة ثقة بين الطرفين، وسعي كل منهما لجعل الكفة الأثقل من موازين القوى في صالحه، فالاحتجاجات فرصة مواتية من وجهة نظر البراغماتيين داخل الإخوان في الأردن من أجل إعادة صياغة العلاقة المتوترة مع الحكومة والحصول على مكاسب أكبر.
0 Comments: