ما يزال خبر انقطاع كابلاتthe Seacom”، “TGN-Gulf”، “Asia-Africa-Europe 1″، “Europe India Gateway”، بالبحر الأحمر؛ ما أثر على 25% من حركة البيانات المتدفقة بين آسيا وأوروبا، يلقي بظلاله على المشهد الإقليمي وعلى مستقبل ظاهرة الإرهاب لما لها من أهمية في ضوء النشاط الإرهابي الحوثي ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر؛ ما دعا إلى تشكيل لجان تحقيق لتحديد إذا ما كان حادثًا متعمدًا أم عرضيًّا، واحتمالية صلته بالإرهاب الحوثي.
الحادثة اهتمت بها دراسة حديثة نشرها مركز "ترندز للبحوث والاستشارات"، واستعرضت فيها التحولات الوشيكة من الموجة الإرهابية الأخيرة المنحسرة على الأرض إلى ملامح موجة جديدة تبدأ من السطح وتتشكل في الأعماق، كما استعرضت التهديدات الإرهابية المحتملة لخرائط الأعماق الرقمية، وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية.
أشارت الدراسة، إلى أن الإرهاب ظاهرة عابرة للحدود، فكان عادةً ما يقع عبء مكافحتها في العقود الأخيرة على الدول الحاضنة له أو المُهدَّدة به، وإن تعددت وتحالفت، بالرغم من سيولة ظاهرة الإرهاب وما ارتبط بها من تطوير الجيوش الوطنية لأدوات جديدة في مواجهة الحروب التي تُوصف أحيانًا باللانظامية أو اللامتماثلة، بيْد أنها في نهاية الأمر تبقى حروبًا على الأرض.
ومع انحسار الموجة الأخيرة من الإرهاب بأفول كثير من التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها “داعش”، تبلورت، بحسب الدراسة، موجة جديدة -انتقالية- في أعالي البحار، تمثّلت في توجيه النشاط الإرهابي للتجارة الدولية، واستهداف السفن بأنواعها في أعالي البحار، وهي المناطق المفتوحة التالية للبحر الإقليمي، والذي يخضع بحكم التعريف والاصطلاح لسيادة الدولة المشاطئة له.
وذكرت الدراسة، أن مسألة تأمين تلك الخريطة الرقمية في الأعماق يعد حيويًّا ليس لدولة بعينها، ولكن للعالم أجمع، فيما تُشير التقارير العالمية إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي معرّضة للخطر بشكل خاص حال تهديد خريطة الأعماق الرقمية؛ نظرًا للتهديدات المتزايدة للفواعل من غير الدول، سواء تنظيمات إرهابية أو كيانات معادية.
في هذا الصدد يقول محللون يمنيون إنه تعدّ الكابلات البحرية أهدافًا سهلة ذات تأثيرات عالمية هائلة مباشرة وغير مباشرة على العالم أجمع، خاصة أن منطقة الخليج والبحر الأحمر تعدّان نقطة عبور رئيسية وربط الاتصالات بين آسيا وأوروبا.
وأضافت التحليلات أن الخطورة الراهنة للتهديدات المحتملة ضد الكابلات البحرية تتمثل في أن تهديدها أو تعطيلها لا يتطلب قدرات بحرية متقدمة كالقوة البحرية الروسية ذات القدرات المتطورة، وإنما يمكن تنفيذها من خلال ما يُعرف بـ”التهديدات الرخيصة”، وهي تلك التهديدات التي تتم بأشكال عدة أقل تكلفة كاستخدام الغواصات البدائية أو الألغام البحرية، والأجهزة البحرية المتفجرة المترجلة المنخفضة المستوى، أو حتى الغواصين.
ولفتت أن انقطاع كابلات الإنترنت في أعماق البحار من الأحداث التي تُلقي بظلالها على الأمن العالمي والاقتصاد بشكل مباشر ومؤثر، كما أن هناك مخاوف دولية عديدة من السلوك الحوثي المنفلت في البحر الأحمر بشن هجمات عدائية مستمرة على المصالح الدولية لتحقيق مكاسب سياسية.
وأوضحت أن هذا الانقطاع يؤثر سلبًا على الأسواق المالية العالمية، والأمن الدولي، مسببًا خسائر اقتصادية هائلة، كما أنه يُبرز الأهمية الاستراتيجية لأمن البنية التحتية للإنترنت، وأن العالم في حاجة ملحّة إلى تعزيز الإجراءات الأمنية لحماية هذه الكابلات الحيوية من جماعة الحوثي.
0 Comments: