التجارب السابقة تؤكد أن تركيا لن تسحب قواتها ومرتزقتها من ليبيا ما لم يكن هناك موقف دولي جاد لتمكين الأطراف الليبية من تحقيق ما اتفقوا عليه بشأن إخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من بلادهم خاصة بعد التصريحات المراوغة التي صدرت عن أكثر من مسؤول تركي حول مستقبل قوات بلاده فوق الأراضي الليبية .
فما زالت تتحدث أنقرة عن تواجدها العسكري فوق الأراضي الليبية وتحاول إضفاء الشرعية عليه تحت حجة التواجد بموجب الإتفاق الذى وقعته مع حكومة السراج التابعة لتنظيم الإخوان ، وهذا القول يناقضه التصرف التركي في سوريا حيث تتواجد في هذا البلد العربي قوات تركية كبيرة رغم اعتراض الحكومة الشرعية وهي حكومة الرئيس السوري بشار الأسد .
الاتفاق الذي تتحدث عنه أنقرة لا يمكن الاعتداد به كون الحكومة التي وقعته هي حكومة مؤقتة مسؤوليتها فقط إدارة الشأن الداخلي بالدرجة الأولى ويقتصر نشاطها الخارجي على التنسيق والتشاور والتباحث مع المنظمات الدولية والدول لتذليل الصعاب أمام الوضع السياسي في البلاد وليس إدخال الدولة في اتفاقيات من شأنها أن تمس السيادة الوطنية .
نجاح الأطراف الليبية المختلفة في اختيار قيادة مؤقتة تدير شؤون الدولة الليبية خلال المرحلة الانتقالية التي تسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها في الــ 24 من شهر ديسمبر القادم وإجماع هذه الأطراف على ضرورة إخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من فوق الأراضي الليبية أصاب أنقرة بالارتباك السياسي .
وتستمر أنقرة في تحديها لإرادة الليبيين والقرارات الدولية ، فقد كشفت مواقع الرصد الجوي استئناف تركيا للجسر الجوي العسكري مع ليبيا التي بدأت مرحلة بناء جديدة لتوحيد مؤسساتها وإرساء استقرارها .
وفى النهاية فإن السؤال الذى يطرح نفسه هو هل يمكن للحكومة الانتقالية الليبية الجديدة ومن سيخلفها من سلطة منتخبة فى ديسمبر المقبل أن تغير المشهد الأمنى الحالى لليبيا وتنهى وجود الميليشيات والمرتزقة والمقاتلين الأجانب المدعومين من حكومة الرئيس التركى على أراضيها ؟