ظهر الإخوان المسلمون في ليبيا في نهاية الأربعينيات عبر أنشطة أولية قام بها الإخواني المصري عز الدين إبراهيم مصطفى في ليبيا وسط هامش حرية سمح بها الملك يومها، وعملياً جذبت المجموعة عدداً من الموالين وحصلت على زخم عبر المربين المصريين الذين كانوا يدرسون في ليبيا .
ومع قدوم القذافي للسلطة اعتبرهم ركناً أساسياً للمعارضة في بداية عهده فقام بترحيل الإخوان المصريين، فيما قامت الأجهزة الأمنية باعتقال أعضاء الجماعة الليبيين بداية من العام 1973، ونتاج الحصار الأمني وضغوطات النظام قامت القيادة الليبية للإخوان بحل الجماعة، ولازموا الصمت حتى نهاية السبعينيات.
كان الإخوان المسلمون أهم المكونات التي عارضت القذافي ونظامه وبالتالي مكّنها ذلك من أن تكون مُكوناً رئيسياً لتيار حراك فبراير، ومكوناً أولياً ورئيسياً للمجلس الانتقالي.
تمّ ذلك بناء على انتشار أعضائها في أغلب المدن الليبية تقريباً وأيضاً من خلال شبكات علاقتهم الخارجية في بريطانيا وسويسرا وأمريكا وأيضاً، بفضل شبكة علاقاتهم مع بقية التنظيمات الإسلامية، ومن خلال قبولهم بالتواصل والشراكة مع القوى الليبرالية في "تيار فبراير" خلال تلك الفترة.
وبينما كان الجميع منشغلاً في ليبيا بالمعركة ضد القذافي لإسقاط نظامه، كان الإخوان بخبرتهم وعلاقاتهم الواسعة يعرفون أنّ هذه المسألة محسومة في دوائر القرار الإقليمي، ويتجهزون لما بعدها بالتغلغل في مؤسسات الدولة السيادية والهيمنة على المؤسسات الاقتصادية، وحتى إعداد الأذرع العسكرية الموالية لاستخدامها للوصول إلى السلطة إذا ما دعت الحاجة، وهو ما حدث لاحقاً.
ومقابل النجاح السياسي والاجتماعي للجماعة بين 2011 و2015، تراجع أداؤها وفعلها سياسياً واجتماعياً منذ 2015 نتيجة مستجدات الوضع الإقليمي، وكان لعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي في مصر نتائجه المباشرة على إخوان ليبيا.
توجد أغلب مراكز نفوذ إخوان ليبيا في مناطق الساحل الغربي كمصراتة والزاوية وخاصة بين العاملين في مجال التجارة، إضافة إلى استقوائهم بأمراء الحرب وعناصر الميليشيات، لكن عددهم الحقيقي يبقى ضئيلاً، وهم يعلمون جيداً أنّهم لن يستطيعوا الفوز في أيّ انتخابات،و ما يعني تأخير الاستحقاق الانتخابي.
لكن كل ذلك يحتاج من الإخوان إلى تلميع صورتهم، وإلى استبعاد أيّ حرج عمن يسعون لاستقطابهم في التحالفات القادمة، وبعد استشارات واسعة مع حلفائهم في الخارج كحركة النهضة التونسية، ومع مراكز الأبحاث والعلاقات العامة التي يتعاملون معها وخاصة في واشنطن ولندن، قرروا تغيير اسم كيانهم العقائدي من جماعة الإخوان المسلمين فرع ليبيا إلى جمعية الإحياء والتجديد.