تعتبر جماعة الإخوان أوروبا مركز الثقل المهم لأنشطتها، لا سيّما الدول التي يحظى فيها التنظيم بمساحات رحبة للتحرك تحت غطاء الحريات السياسية والدينية، في مقدمتها إسبانيا .
وقد لعبت جماعة الإخوان المسلمين في إسبانيا دوراً مهماً في تأسيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، وساهم مؤتمر مدريد عام 1984 في توحيد جهود الإخوان المسلمين في أوروبا وتحديد استراتيجيتهم للتوسع، بينما فقدت جماعة الإخوان المسلمين في إسبانيا أهميتها على المستوى الأوروبي مؤخراً، وما تزال الرابطة الإسلامية للحوار والتعايش في إسبانيا نشطة وتعمل على تعزيز نفوذها على المستوى المحلي.
وتشير دراسات إلى أنّه بحلول أواخر السبعينيات بدأت المجموعات المعزولة المختلفة من جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تعمل في جميع أنحاء القارة تتفاعل بشكل أكبر مع بعضها البعض، وأنشأت شبكات رسمية وغير رسمية امتدت عبر أوروبا، ولم تكن إسبانيا استثناءً، وتم بالفعل تحديد مدريد وغرناطة كمنطقتين مهمتين للإسلاميين في أوروبا، في تلك اللحظة بدأت تتشكل فكرة تأسيس حركة الإخوان المسلمين الأوسع في أوروبا.
وفي منتصف الثمانينيات، سمح وضع جماعة الإخوان في إسبانيا والعلاقات رفيعة المستوى لبعض أبرز أعضائها باختيار مدريد لتكون المكان الذي يحتضن الحدث التأسيسي لأول منظمة إخوانية أوروبية.
كذلك يشكل مؤتمر مدريد عام 1984 نقطة التحول التي قررت منها مجموعات الإخوان المسلمين المختلفة التي تأسست في أوروبا منذ الخمسينيات إعادة ضبط أولوياتها وأجنداتها لتصبح إخواناً أوروبيين، بدلاً من الإخوان العرب في أوروبا، والبدء في التصرف وفقاً لذلك، من هنا يمكن الجزم بأنّ مؤتمر مدريد كان بمثابة ميلاد الوجود المنظم لجماعة الإخوان المسلمين في أوروبا.
وقد أدت "عملية وامور" التي نفذتها الشرطة الوطنية في يونيو 2019 إلى تفكيك ما وُصف بأكبر هيكل تمويل للإرهاب الجهادي تم اكتشافه على الإطلاق في إسبانيا ، ووفقاً للمعلومات التي تسربت من التحقيق إلى الصحافة، فإنّ شبكة من المواطنين الإسبان ـ معظمهم من أصل سوري ـ الذين لهم علاقات وثيقة مع جماعة الإخوان المسلمين، ولديهم مقر عمليات في مكاتب اللجنة الإسلامية في إسبانيا، يُزعم أنّهم أساؤوا استخدام نفوذهم في المؤسسات الرسمية لتطوير هياكل وقنوات لتمويل الإرهاب.