خلال العقود الماضية نجح نظام الملالي في كسب نفوذ تخريبي واسع في منطقة الشرق الأوسط عبر سلاحها الأبرز وهو الميليشيات ويأتي على رأس تلك الميليشيات المتطرفة تنظيم حزب الله اللبناني الذي نجح في صنع شبكات سرية في لبنان تتخفى وراء العمل التنموي كغطاء للأموال السوداء للنظام الإيراني وأبرزها مؤسسة "جهاد البناء" التي تعمل على قدمًا وساق منذ أكثر من ثلاثة عقود .
وأنشأت ميليشيا حزب الله "جهاد البناء" في يونيو 1988 وهو مؤسسة عقارية تديرها الميليشيا في لبنان وانتشرت فروعها في سوريا والعراق وكان الغرض المعلن من المنظمة هو المساعدة في إعادة بناء المنازل بعد الحرب الأهلية اللبنانية بينما الحقيقة أنها كانت سبيلا لتغطية التحركات الإيرانية العبثية في المنطقة ويقع مقر "جهاد البناء" الرئيسي في الضاحية الجنوبية لبيروت .
صنفت الولايات المتحدة "جهاد البناء" كمجموعة إرهابية عالمية منذ فبراير 2007 وذلك من خلال الآلية التي تسمح للولايات المتحدة بحظر أصول الأفراد والكيانات الأجنبية التي ترتكب أو تشكل خطرا كبيرا بارتكاب أعمال إرهابية ومنذ 22 فبراير 2007 أصبحت جمعية "مؤسسة جهاد البناء الإنمائية" على لائحة المنظمات الإرهابية والداعمة للإرهاب .
وقد شمل البيان وقتذاك كل الأسماء أو الجمعيات التي تحتوي أو يمكن أن تكون فرعا من "مؤسسة جهاد البناء" في قرار التصنيف باعتباره أن حزب الله هو المنظمة الإرهابية التي قتلت أكبر عدد من الأميركيين قبل 11 سبتمبر 2001 وكون جهاد البناء تابعة لمنظمة إرهابية وبتمويل إيراني وجاء هذا القرار الأميركي خلال ولاية جورج بوش في محاولة لتجفيف مصادر الإرهاب المالية مما أسفر عن رصد الكثير من المؤسسات الإيرانية التي تحاصر المنطقة بعملياتها التخريبية وعلى رأسها مؤسسة "جهاد البناء".
عرفت "جهاد البناء" داخل لبنان على أنها مؤسسة عقارية يديرها "حزب الله"، وهدفها المعلن التخفيف من آثار وأضرار الحرب الأهلية ومقاومة إسرائيل بينما سعى حسن نصر الله رئيس الميليشيا إلى توسعة نشاط تلك المؤسسة بما حققته للمشروع الإيراني من اختراقات للمنطقة ، ففي عام 2021 قرر أن يوسع من نشاطها في عامها الـ33 لتشمل ما أسماه "الجهاد الزراعي والصناعي".
اللافت أن حسن نصر الله استخدم تلك المؤسسة لخدمة المشروع الإيراني التخريبي في سوريا والعراق أيضا تحت ساتر العمل التنموي حيث توسع "جهاد البناء" بعملها المشبوه في مناطق سورية عدة تحت ستار زراعي وصحي وكان المخطط الأبعد خلق طبقة موالية لإيران من فقراء سوريا .
ودأبت هذه المؤسسة منذ العام 2017 على الاستثمار في مشاريع لا يستثمر فيها "الأقوياء الآخرون" في البيئات الفقيرة، مثل توزيع صناديق الطماطم بالإضافة إلى بذور وشتول حتى تتمكن من تشكيل أكبر عدد من الأيدي العاملة ويصبح مصير هؤلاء مرهونا بهذه المؤسسة بالذات .
لكن مع تفشي جائحة كوفيد-19 أصبحت تجارة المخدرات نبض كل مؤسسات حزب الله التي تحتاج إلى مال لمواصلة نشاطها المزدوج خصوصا مع تضييق الخناق عليهم عبر العقوبات الأميركية وهنا لعبت "جهاد البناء" دورها معتمدة على الكوادر في المناطق من أجل تصنيع وبيع ونقل المخدرات بحجم يفوق قدرة الدول التي تتواجد فيها على تصنيعها والمواد المصنعة يفترض دفع ثمنها نقدا "كاش" وهذا ما تعجز عنه الدولتان اللبنانية والسورية وكذلك في العراق في ظل العجز السائد من الدولار الأمريكى لديهما.
وتقول التقارير المتخصصة إن "جهاد البناء" هي الواجهة المدنية للحرس الثوري الإيراني ويعمل فيها خمسة آلاف موظف ولديها 853 مؤسسة وتتعاون مع 5000 مقاول وتاجر وهناك من يحكي عن 650 ألف عامل آخرين يتعاونون معها في داخل إيران وحدها ، وبالتالي فإنها القوة الاقتصادية لإيران في العراق وشمال إفريقيا والمغرب العربي وسوريا ولبنان وغزة ويتلاقى عمل "جهاد البناء" مع نشاط مؤسسة "خاتم الأنبياء" الإيرانية حتى أن هناك من يقول إنها نفسها مع فارق أن "خاتم الأنبياء" تعمل علنا في الدفاع .