الخميس، 20 مايو 2021

هل أدركت أوروبا خطورة التشدد الدينى ؟

الهجمات الإرهابية التى تعرضت لها بعض المجتمعات الأوروبية خلال الإعوام الماضية تركت إنطباعا سلبيا خاطئا حول الديانة الإسلامية وخلقت ما يمكن ان يطلق عليه "رهاب الإسلام" او اسلاموفوبيا وهو شعور بالعداء والكراهية للإسلام والمسلمين بدأ ينتشر بين الأوروبيين خاصة مواطنى الدول التى كان لها نصيب الأسد من تلك الهجمات مثل النمسا وفرنسا والمانيا .

وبالنظر الى الأبحاث التى تناولت موضوع التطرف الدينى فى الإسلام نجد ان غالبيتها أشارت الى الفكر العنيف والمتشدد الذى اعتنقته وروجت له التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة والإخوان المسلمين وداعش بإعتباره مقصورا على الإسلام ، فى حين ان جماعات اليمين المتشددة سواء فى اليهودية او المسيحية كانت ولا تزال اشد ضراوة وأكثر خطورة فى عدم قبولها للأجناس والعرقيات الأخرى التى تشاركها نفس الوطن بل وأحيانا نفس الديانة .

ولعل ذلك يبدو جليا فى اليهودية التي لا تزال حتى يومنا هذا تؤمن بفكر "الشعب المختار" الذى يعلو فوق البشر من غير اليهود ، فضلا عن إعتبار اليهود الشرقيين فى مرتبة أدنى من الأوربيين ، أما المسيحية فكانت القرون الوسطي تشهد غلوا دينيا وحركات أصولية متطرفة قادت إلى هجرات بعيدة عن أوروبا .

وحتى فى الولايات المتحدة التى يراها البعض نبراسا للحرية والديمقراطية تأتى أحداث التفرقة العنصرية ضد الأفارقة الأمريكيين والتى كان آخرها واقعة مقتل المواطن الأمريكى الأسود جورج فلويد على يد الشرطة عندما ألقي القبض عليه في الولايات المتحدة في مايو 2020 .

تؤكد عدة دراسات أن ارهاب الجماعات المسيحية الذي أطل برأسه في دول أوروبية سيعيد بلا شك تقوية مشاعر التطرف لدى الجماعات الإسلامية خاصة أن اليمين المتطرف الغربي يركز شعاراته على معاداة المسلمين وخاصة المهاجرين واللاجئين .

الوقت الحالي يتطلب تحديث العديد من المفاهيم الدولية المتعارف عليها وأبرزها الإرهاب الذي ظل إلى اليوم غير متفق على تحديد مفهومه الحقيقي بل إنه عادة ما كان يحصر في هجمات عنيفة تقوم بها جماعات إسلامية متشددة .

ومن أجل وضع منهجية ذات جدوى فى التعامل مع الإسلاموفوبيا داخل المجتمعات الأوروبية بات لزاما البحث فى اسباب انتشار الجماعات والمراكز الدينية فى تلك الدول ومصادر تمويلها والغرض من انشائها خاصة بعد ان وفرت لها بعض الحكومات الأوروبية ملاذا آمنا وأمدتهم بالحماية والغطاء السياسى .

وفى هذا الصدد يجب التفريق بين التيارات الجهادية العنيفة مثل تنظيمات داعش والقاعدة وتنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية أو السلفية المتشددة وحركات الإخوان والحركات والجماعات المنبثقة عنها وبين المسلم الوسطى المسالم الذى يريد التعايش وممارسة شعائره بحرية خاصة بعد أدركت اوروبا خطورة إحتضان جماعات الإسلام السياسى على أمنها واستقرار وتماسك مجتماعتها ودولها .

وكانت شخصيات ألمانية من المجتمع المدني وسياسيون في التحالف المسيحي قد دعت  إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزما ضد الإسلام السياسي في ألمانيا بعد الهجوم الإسلاموي في مدينة نيس الفرنسية . 

وكتب الموقعون على بيان نشرته صحيفة "فيلت" الألمانية في عددها يوم السبت 30 أكتوبر 2020 أن الإسلام السياسي يتجذر بشكل متزايد في جاليات إسلامية أوروبية وجاء في البيان : " لقد حان الوقت لمواجهة مشاكل مجتمع المهاجرين بشكل علني وعدم الخوف من مزاعم لا أساس لها من معاداة الإسلام أو العنصرية ضد المسلمين". 

وعلى وجه التحديد طالب الموقعون بإجراء دراسات حول الإسلام السياسي لا سيما في المدارس إلى جانب تأسيس مركز توثيق ووقف تعاون الدولة والمؤسسات السياسية مع منظمات الإسلام السياسي وتشكيل مجموعة خبراء مختصة بهذا الشأن في وزارة الداخلية الألمانية .

جماعات الإسلام السياسي تعلم جيدا احتياجات اللاجئين والمهاجرين المادية والمعنوية والإنسانية وتتعامل معها بفعالية وتستغل عدم فهم المهاجرين وخاصة الأطفال والشباب منهم لطبيعة الدول التي هاجروا إليها فيعملون على خلق مجتمعات موازية يعيش فيها هؤلاء معزولين عن المجتمعات الأوروبية ، فماذا يمكن أن نتوقع من هؤلاء وهم يربون على أفكار متطرفة تدعو إلى العزلة عن المجتمع الذي يعيشون فيه .