ذكرت تقارير أنه رغم أن جماعة الإخوان الإرهابية سجلت وجودها في شرق أوروبا منذ أعوام فإن الفترة الماضية شهدت خطوات متسارعة للتنظيم المصنف إرهابياً في الكثير من الدول لتكثيف وجوده داخل مناطق معينة مثل البوسنة والهرسك لتوفير ملاذات آمنة لعناصره وأنشطته .
ويأتي ذلك بعد أن واجه تنظيم الإخوان الإرهابي أزمة كبرى حيث أغلقت الأبواب بوجهه في الكثير من ملاذاته التقليدية بالشرق الأوسط وبغرب أوروبا وبدأت عناصر التنظيم الإرهابية بشكل جدي تبحث عن مقرات جديدة وآمنة لها في دول شرق القارة العجوز .
ووفقاً لدراسة نشرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات فإنه لا تتوفر معلومات دقيقة حول أعداد الإخوان في دول شرق أوروبا حتى الآن إلا أن غالبية التقديرات تشير إلى تسلل عناصر التنظيم داخل تلك المجتمعات سراً في انتظار الإعلان عن شبكات تتبع الإخوان مباشرة أو ممارسة النشاط بشكل موسع كما هو الحال في دول أوروبا الغربية .
وتشير المعلومات المتاحة حول بداية التواجد الإخواني في شرق القارة العجوز إلى أن المعلومات تتعلق ببعض الطلاب من المنتمين للجماعة شكلوا شبكات كانت صغيرة في بدايتها ثم باتت مترامية الأطراف في الوقت الراهن وتعمل كأذرع قوية للتنظيم .
ووفق دراسة حديثة لمركز توثيق الإسلام السياسي في النمسا وفي دول مثل التشيك وسلوفاكيا والمجر وسلوفينيا وكرواتيا ورومانيا فقد أسست مجموعات طلابية صغيرة خلايا تابعة للتنظيم تعمل حالياً في حدود معينة أبرزها اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا والاتحاد الإسلامي للمنظمات الطلابية الشبابية (فيمسو).
ويتمتع الإخوان بوجود محدود في بلدان مثل ألبانيا أو كوسوفو اللتين تضمان عدداً كبيراً من المسلمين ويمكن تتبع عدد من الكيانات في هذه البلدان وربطها بالتنظيم الدولي للإخوان ، وأكبر منظمتين نشطتين في أوروبا هما اتحاد المنظمات الإسلامية والاتحاد الإسلامي للمنظمات الطلابية الشبابية (فيمسو) لكن الوضع يختلف تماماً فيما يتعلق بالبوسنة والهرسك فقد أسس التنظيم فيهما جمعيات ومراكز تابعة في وقت مبكر .
وبرزت الشبكات القريبة من جماعة الإخوان بالبوسنة والهرسك منذ أوائل التسعينيات بالتزامن مع إنشاء عدد من المنظمات غير الحكومية التي تدير الخدمات الإنسانية لكنها في بعض الأحيان قدمت الدعم للمسلحين المشاركين في صراع البوسنة في ذلك الوقت تحت ستار العمل الإنساني ، ورغم أنّ نشاط الإخوان في البوسنة كان مكثفاً منذ أوائل التسعينيات، إلا أنّ التواصل بين الجماعة وبعض المسلمين في البوسنة بدأ في أربعينيات القرن الماضي بتأسيس ما يعرف بمنظمة "الشباب المسلم".
وأكد مركز توثيق الإسلام السياسي أن معظم الإخوان الذين نشطوا في البوسنة والمناطق المجاورة لها خلال الحرب تركوا البلاد بعد انتهاء الصراع ومع ذلك وجد التنظيم العالمي للإخوان حلفاء في شخصيات محلية بارزة في البوسنة مثل الرئيس السابق إيشا إزتبريغوفيتش والمفتي السابق والحالي للبلاد مصطفى سيريتش وحوسين كافازوفيتش على الترتيب ، حسب التقرير ذاته .
وبحسب التقرير الصادر عن مركز "جلوبسيك" في ديسمبر عام 2020 ارتبطت شخصيات بارزة داخل البلاد بجماعة الإخوان بشكل مباشر وفي مقدمتها مفتي البوسنة السابق الدكتور مصطفى سيريتش ، ويشير التقرير إلى أنّه كان عضواً في المجلس الأوروبي للفتوى والبحوث المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين ، فضلاً عن كونه عضواً داخل منظمة "المنهج الوسطي الراديكالي" مقرها في لندن والتي عملت منذ أعوام على تنسيق التعاون بين الجماعة وقيادات بارزة داخل أوروبا .
ويرى محللون إن هناك العديد من مخاطر انتشار وتوغل تنظيم الإخوان داخل المجتمعات الأوروبية والتي تعد أحد أهم أسباب التنبّه الأوروبي إلى ضرورة إقرار مواجهة شاملة مع تنظيم الإخوان ، وأن مشكلة دول أوروبا مع الإخوان لا تكمن في ممارسة العنف فهم لا يفعلون ذلك في أوروبا مثلما يحدث في بعض دول الشرق الأوسط .
وأضافت التحليلات أن خطورة الإخوان تكمن في عملهم الدائم على خلق بيئة أيديولوجية ودينية تتبنّى مثل هذه الأفكار المتشددة ومحاولاتهم المستمرة لتأسيس نظام سياسي واجتماعي متطرف في دول أوروبا، باعتمادهم على سياسة اختراق مؤسسات الدولة لخلق كوادر وساسة يصبحون صناع قرار في المستقبل، يستطيعون من خلالهم تكريس العنف والتطرف.
ولفتت أن ارتباط الإخوان في نقل العناصر والأموال إلى تنظيم داعش في سوريا وليبيا هو ما دفع أجهزة الاستخبارات الأوروبية إلى التحذير من خطر الإخوان في خلق بيئة العنف التي تحركت على قاعدتها كل التنظيمات الجهادية المتطرفة.