الثلاثاء، 31 أكتوبر 2023

نشأة أيديولوجية التطرف فى فكر الإخوان
أيديولوجيات التطرف فى فكر الإخوان

تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 ويرى مؤسسها حسن البنا أنّ الإسلام نظام سامٍ وشامل يجب أن يسود على الفضاء الاجتماعي الإسلامي عقيدة وعبادة ووطناً وجنسية وديناً ودولة وروحانية وعملاً وقرآناً وسيفاً.

وبهذا الهدف فهو يتصور أنه من الضروري أولاً أسلمة المجتمع من الأسفل وتجاوز جميع المدارس القانونية واللّاهوتية قبل الاستيلاء على السلطة وإنشاء الدول الإسلامية ، وهذه الدول التي تضمن سيادة الشريعة الإسلامية تنخرط تدريجياً في عملية التكامل من خلال برامج التعاون وتؤدي هذه العملية إلى إلغاء الحدود وإعلان الخلافة .

ولم يحدد مؤسس جماعة الإخوان الخلافةالمسلمين قط مبادئ وهياكل الدولة الإسلامية التي يريد تأسيسها ، لقد كان دائماً يكتفي بالشعارات والصيغ الفارغة بل والمتناقضة أحياناً ، لكنّ الآثار الموجودة هنا وهناك في كتاباته وكذلك عمله على رأس جماعة الإخوان تظهر بوضوح أنّه كان لديه ميل إلى النخبوية والهيمنة والاستبداد .

يعلن البنا بوضوح تام موقفه المضاد لعدد من المبادئ الديمقراطية أبرزها الحرية والفصل بين السياسة والدين والتعددية الحزبية والفصل بين السلطات ، ولمواجهة التحديات الداخلية والخارجية يجب على الأمّة بحسب رأيه أن يقودها قانون واحد وهو الشريعة وحزب واحد وهو الإخوان المسلمون وقائد واحد هو الخليفة .

أشارت دراسة للمركز العربي لدراسات التطرف إلى أن جماعة الإخوان المسلمين وبفضل البساطة النسبية لخطابها وحماسة أعضائها تمكنت من توسيع قاعدة دعمها بشكل كبير في مصر وأماكن أخرى في العالم العربي لكنّها فشلت في تحقيق هدفها الأساسي فى الاستيلاء على السلطة وهو شرط أساسي لإعادة تأسيس مدينة الله والحصول على الخلاص.

وقد انضم سيد قطب إلى جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة الأزمة ، في السجن أجرى انقلاباً إيديولوجياً كانت له عواقب وخيمة على المجال السياسي والديني العربي الإسلامي فهو يعتبر أنّ العالم الذي يعيش فيه قد وقع في الجاهلية ويجب على المؤمنين الحقيقيين الذين أصبحوا الآن أقلية أن يحققوا الهجرة من خلال فصل أنفسهم روحياً وجسدياً عن المجتمعات غير المقدسة .

ويعتقد الجهاديون الذين تعززوا بمشروع البنا وخارطة طريق قطب والعقيدة الوهابية والانتصار على السوفييت أنّهم حصلوا أخيراً على الصيغة الإيديولوجية المثالية لإحياء الخلافة والعصر الذهبي للإسلام .



الخميس، 9 يونيو 2022

الإخوان تسعى لإعادة دولة الاستبداد والفساد  في السودان
إخوان السودان يجمعون شتات الجماعات الإرهابية تحت لواء الإسلام

عقدت جماعة الإخوان المسلمين فى السودان الشهر الماضي مؤتمرا صحفيا أعلنت فيه تدشين تنظيم تحت مسمى "التيار الإسلامي العريض" جمعت فيه شتاتاً من أفراد وجماعات الإسلام السياسي بمن فيهم مؤيدون لتنظيمات القاعدة وداعش حيث تحدث عدد من قيادات الإخوان وأعادوا سكب ذات النبيذ القديم في الكأس الجديدة التي يريدون أن يسقوا منها شعب السودان .

القيادي الإخواني حسن رزق الذي تم اختياره رئيسا للتنظيم الجديد أعلن فى المؤتمر مفهوم "الحاكمية" وهو يعني بالنسبة للإخوان لهم حكم الله في الأرض وأن ما عداه هو حكم الجاهلية أو الطاغوت حيث يعتدي البشر على أخص خصوصيات الله وهو التشريع وهو المفهوم الذي صاغه منظر الإرهاب سيد قطب وقال عنه إن الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية وهي الحاكمية .

تولت جماعة الإخوان المسلمين على الحكم في السودان عبر الانقلاب العسكري في يونيو 1989 وسيطرت على مقاليد الأمور لثلاثين عاما طبقت خلالها جميع الأفكار والشعارات التي ظلت ترفعها وكانت النتيجة هى تشييد أعتى دولة للاستبداد الديني والسياسي والفساد والجريمة شهدها تاريخ السودان الحديث منذ خروج المستعمر البريطاني عام 1956 حتى سقط حكمها بثورة شعبية اندلعت في ديسمبر 2018 .

وبعد السقوط المدوي لنظام الجماعة ظن الكثيرون أنها ستسعى للاستفادة من دروس التجربة البغيضة التي وضعت البلاد على شفير الهاوية ولكن قيادتها آثرت الاستمرار في ذات الدرب الذي أدى لفشلها الذريع في حكم البلاد ، مؤكدة صدقية قول المفكر المصري الراحل الدكتور كمال أبو المجد في حقها : "إن أغلبية الإخوان المسلمين وخاصة قياداتهم كانوا مثل أسرة البوربون التي حكمت فرنسا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لا يتذكرون شيئا ولا يتعلمون شيئا فيرتكبون نفس الخطايا فيثور عليهم الشعب من جديد" .

لم تقم الجماعة بأداء المطلوبات المتوقعة من أي كيان سياسي سيطر على دفة البلاد لثلاثة عقود وانهار نظامه بثورة عارمة وفي مقدمة تلك المطلوبات تقديم الاعتذار للشعب السوداني وإجراء المراجعات الفكرية الشاملة وعدم السعي لإجهاض المسار الجديد في البلاد ولكن على العكس من ذلك عملت الجماعة على إفشال التغيير بكل السبل ثم خرجت للناس بكيان جديد في شكله ولكنه يحمل نفس الجوهر الذي ظلت تدعو إليه الجماعة من أفكار وشعارات تم تطبيقها وكان محصلتها الفشل الذريع وهاهي الجماعة تعود بعد ثلاثين عاما من السيطرة على الدولة السودانية لتستمر في اللجوء لتبرير عجزها وفشل شعاراتها وأخطائها المركبة بتبني نظرية المؤامرة الغربية التى تستهدف الإسلام .

الفساد الإخواني في السودان وهو ما سمي بـ"سياسة التمكين" التي أقرها حسن الترابي تقضى بتمكين أعضاء الجماعة وتسكينهم في أجهزة الدولة وإحلالهم في الوظائف العامة والأجهزة الأمنية والجيش بدلاً من منتسبي الأحزاب السياسية الأخرى وعامة الموظفين من غير ذوي الانتماءات السياسية الأمر الذي أفسد الخدمة المدنية وأضعفها .

تجربة الإخوان السودانيون فى تكريس نظام حكم استبدادي شمولي فاسد كانت نتائجه كارثية ومنها استشراء الفساد والسير بالاقتصاد نحو الهاوية مما أدى إلى هجرة ملايين السودانيين من أصحاب الكفاءات والمؤهلات العلمية بحثاً عن لقمة العيش الكريم ، ومن الناحية الأخلاقية كان الفشل أكبر بكثير من النواحي السياسية والاقتصادية وهنا جوهر المأساة فمشروع الإخوان المسلمين يطرح موضوع القيم كأساس لجميع شعاراته ومع ذلك يشهد السودانيون كيف صار الفساد ونهب مال الدولة فعلاً عادياً ويومياً إلى جانب الانتشار الواسع للمخدرات وغسيل الأموال .

وهذه مؤشرات واقعية وملموسة على فشل شعارات الإخوان المسلمين من شاكلة "الإسلام هو الحل" ودعوتهم لتطبيق الشريعة وإقامة الدولة الإسلامية باعتبار أنها ستجلب الحلول السحرية لجميع المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية .