بنيت علاقة جماعة الإخوان المسلمين مع الآخر على أساس إدراك الجماعة لنفسها إدراكاً ينبع من تصور يُصنف الآخر إما إلى مؤيد يقف معها أو خصم يكيد لها كيداً، وقد ارتبطت هذه العلاقة، على مدى السنوات المتعاقبة، بالمصالح الذاتية للجماعة وبالديناميات والتفاعلات بين تياراتها.
ويرتبط موقف الإخوان من الآخر بحالة الضعف أو القوة التي تعيشها الجماعة، في الحالة الأولى تلجأ إلى التحالف والتماهي معه وتتودد له، وفي حالة القوة تنكــث باتفاقاتها وتسعى للهيمنة على الآخر والسيطرة عليه؛ لأنها تؤمن بأنها يجب أن تقود العالم بأسره انطلاقاً من فكرة "أستاذية العالم" الراسخة في عقليتها.
وههنــا تطـرح ملاحظة بخصوص صورة الآخر في أدبيــات يوسف القرضاوي، إذ اتضح أن رؤاه قبل سنة 2000، كانت أقرب إلى رؤى سيد قطب، أما رؤاه بعد ذلك المنعطف، فكانت أقرب إلى رؤى حسن البنا، ومن أسباب ذلك التطورات الاستراتيجية التي مرت بالمنطقة العربية خلال هذه الحقبة.
واتسمت العلاقة بين الإخوان والآخر الإسلاموي غير المنتمي للجماعة في مصر بالتوافق الظاهري، واستفادت الجماعة منه لحشد تيارات الإسلام السياسي خلفها، بيـد أنّ الجماعة "التي لا تثق إلا بنفسها خسرت حلفاءها واحدا تلو آخر، ولم يبق معهـا إلا قلـة متشرذمة من بقايا الإسلاميين الذين دفعوا ثمناً باهظا للتحالف معها".
النصوص المؤسسة للإسلامية المتعلقة بمفهوم الإخوان للدولة ترفض التنوع، وتجنح إلى الاعتقاد بأنها - وحدها - تمتلك الحقيقة المطلقة، ومن ثم فلا يمكن لها إلَّا أن تتعارض مع القيم الأساسية للمواطنة والعيش المشترك. بل نستطيع القول إنّ اللجوء إلى العنف من طرف مَن يؤمن بتلك الأيديولوجيا ضد الآخر هو أمر مؤكد، ولا بُدَّ أن يظهر عاجلًا أو آجلًا. إذ إنّ الإسلامية رؤية شمولية سياسية حركية للدين، تعتقد أن هناك نموذجاً للحكم مُعَداً مسبقاً، يجب على المسلم تطبيقه أو اتباعه، وغير مسموح بالبحث عن نموذج آخر، بغض النظر عن وصفه بـ "إسلامي، ما دام غير نموذجهم.