أعلن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أمس ترشيح المهندس محمد المزوغي لرئاسة حكومة مصغرة تتولى إدارة الانتخابات في البلاد خلفا لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ، وجاء هذا القرار تطبيقا لنتائج مشاورات لجنة 6+6 المشتركة التي جرت في مدينة بوزنيقة المغربية والتي دعت إلى تشكيل حكومة موّحدة تتولى تهيئة وتوحيد البلاد لإجراء الانتخابات .
وليس من السهل التكهن بردة فعل وموقف تيار الإخوان المتمثل فى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة الذي رحب بمخرجات اللجنة والذي يتمسك في المقابل بإشراف حكومته على الانتخابات ، وما إذا كان سيوافق على التخلّي عن منصبه مقابل الترشح للرئاسة .
ومنذ إندلاع الثورة الشعبية فى ليببا كان قادة المجموعات المتطرفة وعلى رأسهم جماعة الإخوان الإرهابية يأمرون أنصارهم بجمع الأسلحة من معسكرات القذافي ثم يختفون بها في مخازن وفي مواقع تخصهم وزادت هذه الظاهرة حتى بعد مقتل العقيد معمر القذافي وانتهاء الحرب حيث أصبح تحت أيديهم ألوف الصواريخ العابرة للمدن بالإضافة إلى أعداد مهولة من القذائف والأسلحة والآليات العسكرية كالمدرعات والدبابات .
وبعد انهيار النظام القديم ألقى معظم المتطوعين المدنيين أسلحتهم وعادوا إلى بيوتهم وأعمالهم ، كما بدأ ألوف الجنود والضباط العودة للالتحاق بمعسكراتهم لكن قطاعا بعينه من هؤلاء الثوار ظل متمسكا بأسلحته وقواته وميليشياته تحت زعم الدفاع عن الثورة وحمايتها من الانقلاب عليها من جانب الموالين للقذافي .
وقاد عدد من المتشددين في كل من جماعة الإخوان ووقطاعات جهادية أخرى هذا التوجه الذي عززته أوامر أصدرها المجلس الانتقالي في أواخر 2011 تتلخص في إلزام الدولة صرف رواتب لهذه الميليشيات نظير حمايتها المنشآت العامة والمؤسسات الرسمية والحدود وغيرها .
ويقول باحثون فى الشأن الليبي إن صرف رواتب من الدولة للميليشيات منذ البداية أغرى قطاعات مختلفة من الشباب صغار السن للانخراط فيها بغض النظر عن توجهات قادتها سواء كانوا سياسيين أو جهاديين ، كما دفع عاطلين وطامحين إلى تشكيل ميليشيات إضافية وإرغام الحكومة على صرف رواتب لهم مقابل أي أعمال يكلفون إياها حتى لو كانت غير ذات أهمية .
وأضافوا أن هذه الميليشيات أو الكتائب كما يطلق عليها البعض بدأت تشعر بخطورة السماح بوجود مؤسسة قوية للجيش والشرطة لأن وجود مثل هذه المؤسسة يقضي على السبب الذي تتقاضى من أجله تلك الميليشيات رواتب شهرية بملايين الدولارات ولهذا كانت ملامح الصدام تلوح في الأفق بين من يريدون استمرار الفوضى ومن يريدون بناء الدولة كما ينبغي خاصة مع ارتفاع أصوات السياسيين والناشطين المدنيين بالمطالبة بحل الميليشيات وجمع الأسلحة منها .
ووفقا للباحثون فقد بدأت عملية جديدة مضادة وواسعة لعرقلة بناء المؤسسات الأمنية كان أهم مظاهرها تكاثر عدد الميليشيات من مختلف المشارب من جهاديون ومتطرفون أجانب ولصوص وإن ظل أقواها وأكثرها تنظيما تلك التي تهيمن عليها جماعة الإخوان ، وجرى استهداف ضباط الجيش والشرطة الذين كانوا يحاولون الانتظام في معسكراتهم وإداراتهم دون أي تشجيع حقيقي من وزارة الدفاع التي سيطر على مقاليد الأمور فيها محسوبون على التيار المتطرف وقُتل في عمليات الاغتيال تلك أكثر من 140 من القادة العسكريين في مدينة بنغازي وحدها .
وطوال نحو عامين فشلت كل محاولات ترويض الميليشيات وكان من بين هذه المحاولات اقتراح بضم ألوف المسلحين في جهاز مستحدث تحت اسم "الحرس الوطني" لكن جرى إفشال هذه المحاولة أيضا ، وحين استشعر المتطرفون تململ الشارع الليبي جرى التلويح باستخدام السلاح ضد المحتجين وذلك بالتزامن مع إشاعة وجهة نظر تقول إن الميليشيات هم الثوار الذين أسقطوا النظام السابق وأنهم لا يريدون الانخراط في جيش يتولى القيادة في معسكراته ضباط كانوا يعملون في القوات المسلحة في عهد القذافي ويقولون أيضا إنه توجد محاولات من أنصار النظام السابق للعودة للحكم والانقلاب على الثورة .
فيما يقول أحد كبار الضباط في الجيش الوطني الليبي السابق إن الإسلاميين استغلوا مواقعهم الرسمية في الدولة خلال العامين الماضيين وفتحوا الباب واسعا لعمليات تهريب شحنات ضخمة من الأسلحة إلى داخل البلاد ووفروا ملاذا آمنا لألوف الجهاديين من مختلف دول العالم .
وتوجد على السطح حاليا جبهتان تتقاتلان فى ليبيا جبهة المتطرفين بقيادة شخصيات تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وجبهة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ، ويبدو من قرءاة المشهد أن مستقبل ليبيا أصبح على كف عفريت فرغم ظهور تصدع في جبهة المتطرفين ومكاسب للجناح المدني فإن الوصول إلى الاستقرار ما زال بعيد المنال .