تعيش حركة حماس حالة من الاضطراب والتشقق الداخلي منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر الماضي، والذي أدى إلى تفجير الوضع الأمني في المنطقة، وتسبب في خسائر بشرية ومادية هائلة.
ووفقًا لمصدر مطلع على شؤون الحركة فإن هناك جناحين متناقضين داخل حماس يتصارعان على السيطرة على القرار والمستقبل السياسي للحركة ، ويضم الجناح الأول قيادات بارزة في المجلس السياسي للحركة وهو المسؤول عن العلاقات الخارجية والمفاوضات مع الأطراف الدولية والإقليمية وهذا الجناح ينتقد الهجوم الذي شنه الجناح العسكري للحركة بقيادة السنوار والضيف ويعتبره خطأ استراتيجيا ويحمله مسؤولية الأزمة الحالية.
وتابع المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته يسعى هذا الجناح إلى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، يشمل تبادل المحتجزين والرهائن، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية للسكان.
ويعتقد هذا الجناح أن هذا الاتفاق سيعيد الهدوء والاستقرار إلى المنطقة وسيمكن حماس من إعادة بناء ثقة الشعب الفلسطيني والعالم فيها، وسيفتح المجال للمصالحة الوطنية مع حركة فتح والفصائل الأخرى.
وأضاف المصدر أن الجناح الثاني يضم قيادات عسكرية وأمنية في حماس على رأسهم يحيى السنوار رئيس حماس في غزة ومحمد الضيف قائد كتائب القسام الذراع العسكري للحركة وهذا الجناح يدافع عن الهجوم الذي نفذه ويعتبره إنجازا تاريخيا وينفي أي مسؤولية عن الخسائر التي لحقت بالشعب الفلسطيني.
ويطالب هذا الجناح بشروط مسبقة لوقف إطلاق النار مع إسرائيل من بينها وقف الاحتلال والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية والاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين والإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية .
ويعتبر هذا الجناح أن هذه الشروط هي حقوق أساسية للشعب الفلسطيني، وأنه لا يمكن التخلي عنها مقابل أي اتفاق تبادل، ويتهم هذا الجناح العسكري نظيره السياسي بالخيانة والتنازل والانصياع للضغوط الدولية، ويتوعد بمواصلة المقاومة ضد إسرائيل، حتى تحقيق النصر الكامل.
وأوضح المصدر أن هذا الانقسام الداخلي في حماس يهدد بتفكيك الحركة، وإضعاف موقعها في المشهد السياسي الفلسطيني، ويزيد من التوتر مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، التي ترفض سياسة حماس الأحادية، وتطالب بالتشاور والتنسيق الوطني، كما يهدد هذا الانقسام بتقويض الجهود الدولية لإحلال السلام في المنطقة، ويفتح الباب أمام احتمال اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وحماس، قد تكون أكثر دموية وخطورة من السابقة.